الأربعاء، ١٩ سبتمبر ٢٠٠٧

7- طريق التحقق من صدق الإرادة بالامتحان :

لا يتحقق لك معرفة كمال إيمانك بكلام الله تعالى وتصديقك لشيخك ومحبته وتقديمه على أهلك ومالك إلا بالامتحان ، وكل عبد يطلب التقرب من الله تعالى إذا ظهر له فى نفسه نقص بادر إلى الأسباب المزيلة له بالطبع أو الشرع ، وهذا شأن كل من دخل معنا (يعنى مشايخ الطريق) فى الصحبة والتربية الخاصة ، وأما من لم يدخل (يعنى الصحبة) فالأدب منا عدم امتحانه ، فامتحن نفسك فى إيمانك بنحو قوله تعالى {والآخرة خير وأبقى مثلا فإن وجدت فى نفسك انشراحا وانبساطا عند كل شىء فاتك من الدنيا فأنت مؤمن حقا بقول الله تعالى {والآخرة خير وأبقى} ، وإن وجدت فى نفسك عند فوات محبوب من الدنيا بعض ندم وحزن وقبض فأنت غير مؤمن ، وكأنك تقول عند قول الحق تعالى {والآخرة خير وأبقى} ليس الأمر كذلك إنما الآخرة شر وأفنى ، وكلامنا لمن يدعى العقل ، فإن من كمل عقله يتلون قول الحق فى باطنه ذوقا ، ومن علامة تلونه فى باطنه تقديمه على غيره ، ويصير فى باطنه المليح مليحا ، والقبيح قبيحا ، مثل ما قال الله عز وجل سواء ، وأما إذا قال الحق : هذا الأمر مليح ، فقال : لا بل قبيح فلا هو مع الحق ، ولا الحق معه فى ذلك ، فلا إيمان . وامتحن يا أخى إيمانك بنحو قوله صلى الله عليه وسلم : ((ما نقص مال من صدقة)) ، وقوله تعالى {وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه} ، فإن وجدت مالك ينمو فى عينك ويزيد فى عين بصيرتك ، ولا تشتغل بكثرة النفقة ولا بإعطاء الفقراء والمساكين ولو ترادفوا عليك ليلا ونهارا فأنت مؤمن بذلك . وإن شهدت النقص فى مالك عند النفقة وكثرة الصدقة ، واشتغلت بذلك فإيمانك ضعيف ، ومن ضعف عليه يقينه عسر عليه ضرورةً الإنفاق فى وجوه الخير لشهوده النقص فى ماله ، وعدم الخلف من الله تعالى ، ومن هنا كان صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئا إلا أعطاه . وبالجملة فكل من كمل إيمانه ولم يكن عنده ما وعد الله به كالحاضر على حد سواء فإيمانه ناقص ، وماذا يفوت من كان الحق تعالى له عوضا عن كل شىء (البحر المورود ، ص 18-22 باختصار واسع) .

ليست هناك تعليقات: